على امتداد التاريخ كانت عُمان مركزًا حضاريًا نشطًا تفاعل مع مراكز الحضارة في العالم القديم، وقوة بحرية وسياسية مؤثرة، جابت سفنها المحيط الهندي متجهة إلى موانئ فارس الجنوبية وموانئ الخليج العربي وصولًا إلى العراق، وامتدت صواريها حتى موانئ شرق إفريقيا ابتداءً بالصومال شمالًا وانتهاءً بموزمبيق جنوبًا.
أطلق عليها السومريون اسم مجان أو جبل النحاس، وورد هذا الاسم في مئات النصوص الرافدية سواء أكانت سومرية أو أكادية والتي كتبت بالخط المسماري، وكانت تشير بشكل واضح إلى أهمية هذا المكان من النواحي الاستراتيجية ومصادره الطبيعية خاصة النحاس والأحجار الكريمة.وفيما تروي كتب التاريخ عن نزوح قبائل عربية عديدة إلى عُمان والاستقرار فيها منذ تاريخ موغل في القدم، تذكر المصادر التاريخية أن أول هجرة منظمة وقوية هي تلك التي كانت تحت قيادة مالك بن فهم الذي كان ينتمي إلى القبائل الأزدية، في نهاية القرن الميلادي الأول.ومع بزوغ شمس الإسلام،
كانت عُمان من أوائل البلدان التي اعتنقت الدين الإسلامي طواعية في عهد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، فقد بعث عليه السلام عمرو ابن العاص إلى جيفر وعبد ابني الجلندى ابن المستكبر – ملكي عُمان آنذاك – يدعوهما إلى الإسلام، فاستجابت عُمان بقيادة ابني الجلندى، وأصبحت منذ ذلك التاريخ واحدة من القلاع الحصينة للإسلام التي ساعدت على انتشاره في كثير من المناطق خاصة في شرق ووسط أفريقيا.وخلال السنوات الأولى للدعوة الإسلامية ساهمت عُمان بدور بارز في حروب الردة التي ظهرت بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، كما شاركت في الفتوحات الإسلامية العظيمة خاصة في العراق وفارس وبلاد السند، بالإضافة إلى المشاركة في الفتوحات الإسلامية لعدد من البلاد الأخرى في المنطقة وخارجها.
وإذا كانت دولة اليعاربة تعتبر من الدول التي خُلّدت ليس في التاريخ العُماني فحسب، إنما في تاريخ الخليج والعرب بصفة عامة، بحكم أنها الدولة التي نجحت في طرد البرتغاليين من السواحل العُمانية، ومن سواحل الخليج العربي ومنطقة المحيط الهندي، وصولا إلى شرق أفريقيا، فإن الدولة البوسعيدية التي تأسست عام 1744م على يد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي والتي يمثل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - امتدادًا لها، استطاعت نقل عُمان لتكون ضمن القوى المؤثرة في محيطها، وبناء إمبراطورية عُمانية كبيرة امتدت لتشمل مناطق عديدة في شرق أفريقيا خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، وقد فرضت هذه الإمبراطورية وجودها البحري في المحيط الهندي، وأقامت علاقات سياسية متوازنة مع القوى العظمى.
ومع أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، مرت البلاد ببعض مراحل الضعف والعزلة والخلافات الداخلية، لأسباب عديدة محلية وإقليمية ودولية، قبل أن تشرق شمس النهضة العُمانية على يد المغفور له - بإذن الله تعالى - جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور – طيب الله ثراه – الذي قاد نهضة حديثة شقت خلالها عُمان طريقها إلى المجد، واستعادت ماضيها العريق، وتبوّأت مكانتها المرموقة والبارزة بين دول العالم، لتتواصل المسيرة المباركة، والنهضة الحديثة مع حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – الذي أعلن منذ تسلّمه زمام الحكم في البلاد في 11 يناير 2020م، المضي على طريق البناء والتنمية، ومواصلة مسيرة النهضة المباركة، مؤكداً «على أن تظل عُمان الغاية الأسمى في كل ما نُقدِم عليه، وكل ما نسعى لتحقيقه، داعين كافة أبناء الوطن، دون استثناء، إلى صون مكتسبات النهضة المباركة، والمشاركة الفاعلة في إكمال المسيرة الظافرة، متوكّلين على الله عز وجل، راجين عونه وتوفيقه».