تشكل الوثائق والمحفوظات شواهد حية لمسار التاريخ، ونتاج الفكر الإنساني في مجالات العلم والمعرفة بمختلف فنونها وفروعها، ولذلك أولت سلطنة عمان هذا النتاج عناية خاصة، باعتباره يشكل ذاكرة غنية بما يحتويه من معارف وأفكار وقرارات واستدلالات توثق مسيرة العمل الوطني، وسعت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية منذ تأسيسها بموجب المرسوم السلطاني رقم (60/2007) إلى حفظ الوثائق والمحفوظات وجمعها وتصنيفها وأرشفتها عبر مختلف الحقب الزمنية، كما عملت على تطوير القطاع الوثائقي من خلال مجموعة من البرامج بما يتواكب مع تطور تقنيات الحفظ، مترجمة بذلك رؤيتها في إرساء نظام وثائقي مبني على أسس علمية يسهم في تنظيم إدارة الوثائق بالجهات الحكومية، ويعمل على تطوير مجال الوثائق والنهوض به، والعمل على حسن استغلال وتشجيع البحث العلمي والإبداع الفكري والفني، مؤكدة في الوقت ذاته على أهمية إتاحة المواد الأرشيفية.
وتختزن هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية أكثر من ستة ملايين محفوظ بأنواعها الورقية والإلكترونية ومختلف أشكالها وأوعيتها، وهي في تزايد مستمر تعكس الجهود المبذولة فضلا عن وثائق الجهات المعنية في سلطنة عُمان، ووثائق الأهالي والأسر، حيث بلغ عدد الوثائق التي تم التحصل عليها من الأهالي والأسر ما يقارب (400) ألف وثيقة، فيما بلغ عدد المخطوطات أكثر (177) ألف نسخة.
وقد جسدت الهيئة وفق الاختصاصات المسندة إليها جوانب التعاون مع دول العالم من خلال تنظيمها لـ(22) مؤتمرًا وندوة علمية، كما شكلت المعارض والمتاحف بمستوياتها ومجالاتها المختلفة نافذة بالغة الأهمية، حيث تعدّ المعارض الوثائقية أحد أهم الطرق المباشرة التي تربط الهيئة بجمهورها الخارجي والداخلي، وبلغ عدد المعارض التي نظمتها الهيئة أو شاركت فيها أكثر من (100) معرض وثائقي مختلف منها المحلية والدولية.
ونظرا لأهميتها التاريخية والعلمية التي تحظى بها الذاكرة الشفوية «المروية» شرعت الهيئة منذ عام 2012م بتسجيل وحفظ التاريخ الشفوي وقد تم إعداد وتجهيز استوديو خاص به وتزويده بكافة الوسائل السمعية والبصرية والتقنية اللازمة، ومنذ ذلك الحين قطعت الهيئة مسارًا متميزًا، وبلغ عدد المقابلات التي أجريت حتى شهر سبتمبر 2022م (517) مقابلة، كما بلغ عدد الشخصيات التي تم مقابلتها (509) شخصيات، بمجمل (1088) ساعة، ويتم تفريغ تلك المقابلات كتابيًا وفق ما جاءت في التسجيل ليتم تسهيل الاستفادة منها لاحقًا وفق الإجراءات المعتمدة.
ويعد الترميم إحدى المحطات المهمة التي تمرّ بها المحفوظات، حيث يتم من خلالها معالجة الوثائق بالطرق المناسبة لإعادتها إلى حالتها الطبيعية التي نشأت فيها أو قريبة منها وذلك بالمعالجة اليدوية والكيميائية، بعد أن تُدرس خصائصها ومكوناتها مثل نوع الورق والمادة المصنوعة منه، ونوع الأحبار المستخدمة، وقابليتها للتحلل، وقد بلغ عدد الصفحات التي تم ترميمها حتى شهر أكتوبر 2022م (256299) صفحة، تمثلت في ترميم (80201) وثيقة، و(1906) مخطوطات وكتب بواقع (169050) ورقة و(131) ملفًا، بواقع (6025) ورقة، و(99) مطوية، علاوة على (924) خريطة.