يعد بناء العنصر البشري وتطويره حجر الزاوية وأساس عملية التنمية في سلطنة عمان، فعلى مدار العقود الماضية تؤكد الحكومة دائما على ضرورة الاهتمام بالمورد البشري والارتقاء به، باعتباره الركيزة الأساسية في تنمية المجتمعات، والتي تنعكس بدورها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما يعكسه الاهتمام السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وتأكيده الدائم في كل المحافل على أهمية تطوير الكفاءات الوطنية وتأهيلها، وعلى أنَّ الرؤية المستقبلية (عُمان 2040) تعتمد اعتمادا رئيسيا على العنصر البشري.
واستمرارًا لاهتمام جلالته - أعزّه الله - بتطوير الكفاءات الوطنية أقر مجلس الوزراء تعزيز برنامج الابتعاث الخارجي للأعوام (2023 - 2027م) باستحداث برنامج يستهدف إعداد خريجين قادرين على القيام بأدوار ريادية في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وذلك من خلال ابتعاثهم للدراسة في تخصصات المستقبل النوعية وفي أفضل الجامعات العالمية بلغت (150) بعثة، على مدى خمس سنوات بدءًا من هذا العام وبتكلفة إجمالية تصل إلى (36) مليون ريال عُماني.
وإيمانًا من حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم بأهمية تطوير الموارد البشرية في القطاعين العام والخاص بسلطنة عُمان، ومواءمةً مع متطلبات رؤية عُمان 2040 التي ترنو إلى إعداد الكوادر العمانية وتدريبها لتعزيز آفاق الاقتصاد العُماني ورفده بالقيادات المُمّكنة والكفاءات الوطنية، يأتي تأسيس الأكاديمية السُّلطانية للإدارة وفقاً للمرسوم السلطاني ٢ /٢٠٢٢ وذلك سعيًا إلى بناء جهاز إداري مبتكر وصانع للمستقبل ومولّد للفرص، يهدف إلى تطوير القيادات الوطنية بمختلف مستوياتها الإدارية وتمكينها وفق المنهجيات الإدارية الحديثة.
ومن منطلق أهمية تأهيل الكفاءات أطلقت وزارة العمل في عام 2021 مشروع المنظومة الوطنية لبناء القدرات وإدارة المواهب، بهدف تعزيز إمكانيات أبناء الوطن وفتح آفاق رحبة تسهم في تجويد العمل وتحقيق رضا المواطنين والمقيمين.
ويأتي هذا المشروع الوطني ضمن اهتمام وزارة العمل ببناء قدرات الموظفين ورواد الأعمال والباحثين عن عمل والاهتمام بالموهوبين، وتوفير بيئة تتلاءم مع ما يمتلكونه من مواهب وإمكانيات، والإسهام في تحقيق الاستمرارية والاستدامة في الوظائف التنموية التي تقوم بها المؤسسة، وذلك من خلال تقديم البرامج التنموية والتدريبية الفعالة والتي تقدم فائدة حقيقية وواقعية للفئات المستهدفة من الموظفين في القطاعين الحكومي والخاص والباحثين عن عمل والموهوبين، الأمر الذي يمكنهم من معرفة وصقل مهاراتهم وقدراتهم، وبالتالي ينعكس إيجابا على أدائهم الحالي والمستقبلي كونهم المخرجات التي يستمر تأثيرها للمستقبل.
وجاءت فكرة المنظومة من منطلق رؤية وزارة العمل لتنفيذ برامج استراتيجية متنوعة لتكون ضمن الخطة الخمسية العاشرة 2021- 2025 المتعلقة بالتوجه الاستراتيجي الوطني الذي يهدف إلى تحقيق تعليم شامل ومستدام، وبحث علمي يحقق مجتمعا معرفيا وقدرات وطنية منافسة، وبناء القدرات الوطنية والمواهب وتطويرها وتمكينها هي المحركات الأساسية للتنمية البشرية والركائز الأساسية التي تؤدي إلى الارتقاء بخصائص الموارد البشرية وتحسين كفاءتها المهنية والإنتاجية وتحسين مستوى أداء العمل، تحقيقا لرؤية عمان 2040 ولتكون عمان في مصاف الدول المتقدمة.
وتتمثل أهداف مشروع المنظومة في:
- تأسيس نظام وطني موحد لتنمية وتطوير كفاءات وطنية ذات قدرات ومهارات ديناميكية منافسة محليا وعالميا.
- حوكمة الجهود المختلفة للجهات التي تقدم البرامج المتعلقة ببناء الكفاءات والقدرات الوطنية.
- تقليص الفجوة بين مخرجات التعليم والتدريب ومتطلبات سوق العمل.
- تعزيز رأس المال البشري من ذوي القدرات والكفاءات والمهارات لرفد الاقتصاد الوطني.
- تأسيس بنية معلوماتية شاملة تضم جميع فئات الموهوبين والقدرات الوطنية الحالية والمهارات والقدرات الوطنية المستقبلية المطلوبة وفقا لأهداف رؤية عمان 2040.
-تأسيس معايير وآليات واضحة للمسارات المهنية والقيادية.
-تعزيز مؤشر التنافسية العالمي للسلطنة والخاص بتنمية القدرات والمهارات الوطنية.
- تعزيز الجاهزية لمواكبة الثورات الصناعية المستقبلية.
وسعيا إلى بناء قدرات وكفاءات رقمية، أطلقت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات المبادرة الوطنية للكفاءات الرقمية (مكين) في سبتمبر 2022م بوصفها جزءا من مبادرات البرنامج التنفيذي للصناعة الرقمية في البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي، وهي مبادرة تعنى بتأهيل الشباب العماني بالمهارات الرقمية الحديثة الأكثر طلباً في سوق العمل. كما تسعى المبادرة إلى توفير فرص مولدة للدخل للشباب العماني في القطاع الرقمي بحلول 2025م كونها من مستهدفات الوزارة في الخطة الخمسية العاشرة.
وتعمل (مكين) بالشراكة مع مجموعة من المؤسسات التعليمية والتدريبية المحلية والدولية الرائدة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وتقوم المبادرة بالتعاون مع الشركات والمؤسسات الرائدة في القطاع بتأهيل 10 آلاف عماني بالمهارات الرقمية بحلول 2025م، وهو ما سيسهم في رفد سوق العمل بكفاءات وطنية تتناسب مع التجدد المتسارع في بيئة الأعمال والحاجة المتزايدة للكفاءات التقنية.