يمثل التعليم العالي أرقى سلّم المراحل التعليمية، ويشمل كل أنواع التعليم الذي يأتي بعد التعليم الثانوي سواءً كان في الجامعات، أو مؤسسات تعليمية أخرى تعنى بالتعليم أو التدريب أو البحث العلمي. وللتعليم العالي دور بارز في إعداد الكوادر الوطنية المؤهلة على أعلى المستويات ليكونوا قادرين على المشاركة بفاعلية في دفع حركة التنمية في البلاد.
ويأتي إنشاء وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار للتأكيد على أهمية هذه القطاعات في بناء الإنسان، كونها حجر الزاوية الأساسية للعملية التنموية، وأحد المؤشرات الرئيسية لتقدم الشعوب، وقد تزايدت الحاجة إلى هذه القطاعات وتطويرها؛ لما لها من أهمية في تحقيق متطلبات التنمية وخدمة أهدافها، حيث أصبحت مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي ومراكز الابتكار موطنًا لصناعة القرار الثقافي والعلمي، ومصدرًا لرسم التوجهات الاستراتيجية، وحاضنة لإنتاج العقول المؤهلة للنهوض بالبناء الحضاري والاقتصاد الوطني للبلاد.
وانطلاقًا من دوره في تنظيم التسجيل والقبول بمؤسسات التعليم العالي والبعثات والمنح، توسع نطاق عمل مركز القبول الموحد خلال السنوات الماضية، وأصبح يشرف على أربعة برامج رئيسية، هي برنامج القبول للمرحلة الجامعية الأولى، حيث بلغت أعداد المقاعد للعام الأكاديمي (2021/2022م) (33577) مقعدًا لبرنامج القبول للمرحلة الجامعية الأولى، و(730) مقعدًا لبرنامج دبلوم التأهيل التربوي، و(57) مقعدًا للبرنامج العُماني للتعاون الثقافي والعلمي.
كما يتولى المركز نشر البيانات والمؤشرات الإحصائية عن قطاع التعليم العالي بالسلطنة من خلال إدارته للنظام الإحصائي للتعليم العالي، الذي يستقي بياناته من قاعدة البيانات المركزية عبر ربط الوزارة إلكترونيًا مع مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة.
حققت سلطنة عُمان مراتب متقدمة عالميًا في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2021م، وتقدمت (8) مراتب لتصبح في المرتبة (76) عالميًا، وأوضح المؤشر تقدم السلطنة (19) مرتبة في مخرجات الابتكار، ومرتبة واحدة في مدخلات الابتكار، كما حققت مراتب متقدمة عالميًا في عدد من المؤشرات الفرعية، منها: الأول عالميًا في مؤشر نسبة خريجي العلوم والهندسة من إجمالي الخريجين، والعاشر عالميًا في مؤشر التعليم العالي، وهذا التقدم يعكس الجهود المبذولة لتعزيز البيئة البحثية والابتكارية في السلطنة.
وضمن الجائزة الوطنية للبحث العلمي في دورتها السابعة والتي أقيمت مطلع العام 2021 م، فاز (12) مشروعًا بحثيًا علميًا، ووزعت الجائزة على ستة قطاعات بحثية، لتحفيز الباحثين والعلماء لإجراء بحوث ذات جودة عالية وأهمية وطنية للسلطنة، وتأهيل كوادر وطنية مبتكرة قادرة على المنافسة محليًا ودوليًا.
وضمن برامج بناء القدرات البحثية والابتكارية لفئة الشباب في السلطنة، نفذ مركز موارد برنامج «منافع» في دورته الرابعة في العام 2021م، ويهدف البرنامج إلى دعم المبادرة الوطنية لزراعة عشرة ملايين شجرة بالتعاون مع هيئة البيئة وشركة تنمية نفط عُمان، وفازت خمس فرق نظير ابتكاراتها.
وفي منصة «إيجاد» التي تُعنى بتعزيز الشراكة بين القطاع الصناعي والمؤسسات الأكاديمية والقطاع البحثي، وتعمل على تقديم حلول عملية للتحديات التي تواجه القطاع الصناعي، واستثمار الخبرات البحثية والأكاديمية بالسلطنة، تجاوز عدد التحديات المطروحة (72) تحديًا صناعيًا، فيما وصل عدد المشاريع البحثية المشتركة (27) مشروعًا، كما بلغ إجمالي التمويل البحثي من القطاع الصناعي أكثر من مليون ريال عُماني.
يعد التعليم والتدريب المهني أحد أهم الدعائم الأساسية التي تعمل على بناء المهارات وصقلها بما يحقق بناء الإنسان العُماني، وتحقيق الأهداف التي تتطلع لها السلطنة من تأهيل وتدريب للقوى العاملة الوطنية لإحلالهم محل القوى العاملة الوافدة، وتشغيلهم في مهن تخصصية يحتاجها سوق العمل، وتوجد بالسلطنة حاليًا (8) كليات مهنية موزعة على عدد من ولايات السلطنة وهي (السيب، صحم، صور، عبري، شناص، البريمي وصلالة)، بالإضافة إلى الكلية المهنية للعلوم البحرية بالخابورة.
وقد شهد قطاع التعليم والتدريب المهني بالسلطنة تطورًا ملموسًا خلال الخطة الخمسية التاسعة (2015/2016 - 2019/2020م) من حيث الزيادة في إجمالي الطاقة الاستيعابية للكليات المهنية، فقد وصل عدد الطلبة والمتدربين الملتحقين بهذه الكليات في العام الأكاديمي (2019/2020م) في مختلف المسارات (5465) طالبًا ومتدربًا، مقارنة بـ (3937) في العام الأكاديمي (2015/2016م)، وبلغ إجمالي عدد الخريجين خلال الخطة الخمسية التاسعة (7387) خريجًا وخريجة، فيما بلغ عدد البرامج التدريبية التي تم التصديق عليها واعتمادها للتنفيذ في المؤسسات التدريبية الخاصة بمختلف التخصصات حتى منتصف أكتوبر 2021م، (8873) برنامجًا.
سعت جامعة السلطان قابوس إلى تهيئة السبل الفاعلة والداعمة لمسيرة التعليم والبحث العلمي والابتكار كونها في سلّم الأولويات الوطنية والمرتكزات الأساسية لرؤية (عُمان 2040)، مُستنيرة في ذلك بالتوجّه السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم نحو الاهتمام بهذه المرتكزات ومنحها كافة أسباب التمكين.
وتمكنت الجامعة من تحقيق العديد من الإنجازات في مختلف المجالات، وذلك ضمن مساعيها نحو دعم تحقيق رؤية (عُمان 2040)، ومواءمة جهود الجامعة مع الأولويات الوطنية والتوجهات والأهداف الاستراتيجية، ولم تفتأ الجامعة تواصل مساعيها نحو التركيز على كل ما من شأنه دعم رؤية (عُمان 2040)، من خلال أنشطة البحث العلمي والابتكار وبناء وتطوير القدرات الوطنية المُنافسة لاسيما في مجالات التنمية الاستراتيجية، مُستندة في ذلك على خيارات الدعم المتوفرة لتمويل المشاريع البحثية، والتي تأتي في مقدمتها منحة المكرمة السامية للمشاريع البحثية الاستراتيجية.
وإلى جانب ذلك يحظى الباحثون في الجامعة بمستويات عالية من الدعم من مجموعة أخرى من برامج التمويل، بما فيها منح البحوث الداخلية التي موَّلت (97) مشروعًا في عام 2020م، في حين دعمت منح عمادة البحث العلمي تسعة وعشرين مشروعًا.
كما ساهمت منحة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار (منحة مجلس البحث العلمي سابقًا) في دعم الأنشطة في الجامعة خلال عام 2020م، متمثلة في تمويل ستة مشاريع من خلال برنامج منح بحوث الأكاديميين من حملة الدكتوراه، وخمسة مشاريع من خلال برنامج منح أبحاث الخريجين، وستة مشاريع أخرى من خلال برنامج منح أبحاث الطلبة الجامعيين، إضافة إلى تمويل ستة عشر مشروعًا في جامعة السلطان قابوس تتناول على وجه التحديد دراسة جوانب مختلفة لجائحة (كوفيد19).
بدوره واصل مركز الابتكار ونقل التكنولوجيا بجامعة السلطان قابوس أدواره في تحويل مخرجات البحوث المبتكرة والأفكار الإبداعية بالجامعة، ودعم في عام 2020م (7) سبع حالات كشف اختراعات، و(5) خمس براءات اختراع مودعة في مكتب براءات الاختراع العُماني.
ويتم تحفيز الباحثين في الجامعة على المساهمات الخلاّقة والمتميزة في النشر العلمي والابتكار من خلال جائزة جامعة السلطان قابوس للنشر العلمي وبراءات الاختراع، والتي مُنحت في عام 2020م، إلى (658) ورقة علمية وبراءة اختراع واحدة لباحثي الجامعة. كما يتجلى التزام الجامعة المتواصل بالبحث العلمي والابتكار والجودة العالية للعملية التدريسية بالجامعة والمشاركة المجتمعية، في تصنيفات الجامعة الدولية والإقليمية المرتفعة، إذ ارتفع تصنيف جامعة السلطان قابوس في تصنيف الجامعات العالمي QS من (450) في عام 2019م، إلى (375) لعام 2022م، كما انتقلت الجامعة من المرتبة التاسعة في تصنيف QS للمنطقة العربية في عام 2020م، إلى المرتبة السابعة لعام 2022م.
بدوره حصل مركز رصد الزلازل على موافقة اليونسكو في ديسمبر 2020م، لإنشاء كرسي اليونسكو لدراسات مخاطر الزلازل والتسونامي. في حين واصل مركز أبحاث الطاقة المستدامة العمل في مشروع المحطة الهجينة، من خلال بناء مختبرات وغرف تخزين جديدة للتجارب الكهروكيميائية، والتي تسعى إلى إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة لاستبدال وقود الديزل مع التركيز بشكل خاص على المناطق الريفية، إضافة إلى ذلك، استمر عمل المركز في مشروع تحويل جامعة السلطان قابوس إلى حرم جامعي ذكي، ويتضح ذلك في الإنجاز المتمثل في تحسين كفاءة الطاقة في مبنى كلية العلوم.
وفي مجال الاعتماد الأكاديمي، حصلت كلية التمريض على تجديد لمدة ثمان سنوات لبرنامج الدراسات الجامعية الأولى (البكالوريوس) وخمس سنوات لبرنامج الماجستير من قبل هيئة اعتماد برامج التعليم في التمريض الأمريكية، كما تم تجديد الاعتماد الأكاديمي لمرحلة البكالوريوس ببرنامجي إدارة مؤسسات المعلومات وإدارة الأرشيف بقسم دراسات المعلومات بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية وذلك لخمس سنوات، وتجديد الاعتراف الأكاديمي لبرنامج البكالوريوس تخصص مناهج وطرق تدريس اللغة الإنجليزية بكلية التربية.