تعدّ قوات السلطان المسلحة إحدى الشواهد العظيمة لمنجزات النهضة الحديثة التي أرسى دعائمها المغفور له - بإذن الله تعالى - السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه- وترسّم نهجه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم القائد الأعلى- حفظه الله - الذي أكد على رعايته واهتمامه بها في خطابه السامي في 23/2/2020م: «نودّ أن نسجل بكل فخر واعتزاز كلمة ثناء وعرفان لجميع العاملين بقواتنا المسلحة الباسلة في القطاعات العسكرية والأمنية، القائمين على حماية هذا الوطن العزيز، والذود عن حياضه، والدفاع عن مكتسباته، مؤكدين على رعايتنا لهم، واهتمامنا بهم، لتبقى هذه القطاعات الحصن الحصين، والدرع المكين في الذود عن كل شبر من تراب الوطن العزيز من أقصاه إلى أقصاه».
ويأتي ذلك انطلاقا من دور قوات السلطان المسلحة الجسيم الذي تضطلع به، وستبقى دائما متمسكة بالعهد تحمي تراب الوطن الغالي، وتذود عن مقدساته الطاهرة، حيث تخطو بثبات وفق منظومة متكاملة الأركان تشمل جودة الأداء والتدريب العالي، والتطوير الممنهج، والاقتناء للأسلحة والمعدات وفق المخطط المدروس وإنجاز المشاريع الوطنية الطموحة إلى جانب تأهيل منتسبيها، لتكون دائما وأبدا الداعم الرئيسي لجهود التنمية الشاملة في البلاد، والحامي العتيد لمنجزات نهضتها الشامخة.
ويشكل الكادر البشري في قوات السلطان المسلحة دوما موضع التقدير ومحل الاهتمام ومحط الرعاية من قبل جلالة القائد الأعلى - حفظه الله ورعاه - باعتباره الثروة الحقيقية والمكوّن الأساسي الأهم في منظومة خطط التطوير والتدريب والتسليح في قوات السلطان المسلحة بأسلحتها الرئيسية، الجيش السلطاني العُماني، وسلاح الجو السلطاني العُماني، والبحرية السلطانية العُمانية، هذا إلى جانب الحرس السلطاني العُماني، والمبني على التدريب الهادف لتحقيق أقصى كفاءة في الأداء، لتكون المحصلة قوات حديثة التنظيم والتسليح تضم بين صفوفها كافة عناصر منظومة الأسلحة المشتركة، وأصبح منتسبوها البواسل قادرين وبكل كفاءة على استيعاب التعامل مع أحدث العلوم التقنية العسكرية في شتى المجالات.
استمرارًا للتطوير والتحديث الذي تشهده قوات السلطان المسلحة، تم إنشاء العديد من المنشآت التعليمية والتدريبية لتأهيل الضباط والأفراد في مختلف الأسلحة والتشكيلات والقواعد والوحدات، مشتملة على مختلف التخصصات العسكرية العلمية والفنية والتقنية.
وتعد كلية الدفاع الوطني أعلى صرح أكاديمي استراتيجي يُعنى بإعداد الكوادر الوطنية القادرة على دراسة الفكر الاستراتيجي والتخطيط على المستوى الوطني والإقليمي والدولي في المجالات ذات العلاقة بالأمن والدفاع وصناعة القرارات الاستراتيجية، وكذلك تنمية القدرة على توحيد وتكامل وتنسيق الجهود الوطنية في كافة المجالات في إطار وطني شامل.
واستطاعت الكلية التي خرجت دورتها الثامنة في 28/7/2021م ، وما شهدته خلال الدورات السابقة تحقيق سمعة إقليمية ودولية رفيعة، ورغم الظروف المتعلقة بجائحة كورونا المستجد إلا أن الكلية تمكنت من تنفيذ تمرينها الاستراتيجي السنوي (صنع القرار) وتخريج دورتها الثامنة بعد اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية لتحقيق رؤيتها ورسالتها الوطنية، وما زالت الكلية تواصل تقديم رسالتها الوطنية من خلال افتتاح دورتها التاسعة في 2/9/2021م إيذانا ببدء الدراسة للعام الأكاديمي التاسع للكلية.
بدورها احتفلت كلية القيادة والأركان بقوات السلطان المسلحة في 6/9/2021م بافتتاح الدورة الخامسة والثلاثين للضباط الدارسين بالكلية متخذة كافة الإجراءات الاحترازية المتعلقة بجائحة (كوفيد 19) حفاظًا على سلامة المشاركين في الدورة وهيئة التوجيه بالكلية.
وتقوم الكلية العسكرية التقنية بتوفير برامج تدريبية أكاديمية بنوعيها النظري والعملي مبنية على دراسة الاحتياجات التدريبية الحديثة لقوات السلطان المسلحة لجميع التخصصات الفنية والهندسية المقررة، وقد استقبلت الكلية في 23/8/2021م طلاب الدفعة التاسعة للعام الأكاديمي (2021/2022م).
واستمرارا للتطوير والتحديث الذي تشهده قوات السلطان المسلحة، فقد تم إنشاء العديد من المنشآت التعليمية والتدريبية لتأهيل الضباط والأفراد في مختلف الأسلحة والتشكيلات والقواعد والوحدات، مشتملة على مختلف التخصصات العسكرية العلمية والفنية والتقنية، كما تحرص قوات السلطان المسلحة على إتاحة وتوفير الفرص لمنتسبيها، لاستكمال دراساتهم العليا في التخصصات ذات الصلة بالعلوم العسكرية والإدارية والفنية، سواء بالسلطنة أو إيفادهم إلى الجامعات والكليات في الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة.
وتعدّ قوات السلطان المسلحة السباقة في استيعاب الشباب العُماني في العديد من التخصصات والمجالات، العسكرية منها والفنية والمهن المساعدة الأخرى، حيث تقوم قوات السلطان المسلحة والدوائر الأخرى بوزارة الدفاع والحرس السلطاني العُماني بجهود حثيثة وكبيرة ومستمرة في استيعاب الشباب العُماني الباحث عن العمل في مختلف التخصصات والمستويات، ويتم باستمرار تخريج دفعات عديدة من هؤلاء الجنود الذين انضموا حديثا إلى شرف الانتساب إليها، ليسهموا مع من سبقوهم في خدمة هذا الوطن العزيز، وحمل أمانة الذود عن حياضه المقدسة، كما أن جهود التجنيد والتوظيف مستمرة في كافة أسلحة وتشكيلات قوات السلطان المسلحة ودوائر وزارة الدفاع.
ويمثل التدريب في الجانب العسكري ركيزة من الركائز الأساسية التي تبنى عليها قوات السلطان المسلحة ووحداتها الإدارية والفنية، والذي يهدف إلى تطـوير كافـة القـدرات التخطيطية وتنمية مهارات ومعارف الضباط وضباط الصف والجنود في جميع تخصصاتهم.
وتأتي التمارين العسكرية المشتركة في إطار خطط التطوير وبرامج التدريب في قوات السلطان المسلحة على إدامة الجاهزية والكفاءة العالية وكل ما من شأنه تحقيق مهامها وواجباتها الوطنية والتي تعد استمرارا للجهود التدريبية الموضوعة في هذا الشأن، علاوة على تجسيد أواصر التواصل والتعاون، وفي هذا الإطار وبهدف تعزيز وإدامة كفاءة قوات السلطان المسلحة ومنتسبيها في القيام بأدوارهم المقدسة الملقاة على عاتقهم، يتم تنفيذ التمارين والبيانات العملية المشتركة بمختلف مراحلها ومستوياتها لألوية وتشكيلات ووحدات وقواعد أسلحة قوات السلطان المسلحة والحرس السلطاني العُماني واختبار كفاءة المعدات وقدرات الأفراد وإمكاناتهم في كيفية التعامل مع الأسلحة المتطورة.
انطلاقًا من اهتمام قوات السلطان المسلحة بمنتسبيها ضمن مجالات الرعاية الاجتماعية فإن الخدمات الاجتماعية العسكرية برئاسة أركان قوات السلطان المسلحة، تقوم بتقديم الرعاية الاجتماعية لضباط وأفراد قوات السلطان المسلحة بهدف إدامة الاستقرار الاجتماعي لهم ولأسرهم، وذلك من خلال تقديم قروض الإسكان والإشراف على المباني التي يتم بناؤها، إضافة إلى الخدمات والنواحي الاجتماعية الأخرى، وهي خدمات لا تقتصر أثناء تأدية الواجب في الخدمة العسكرية فحسب، وإنما تمتد إلى ما بعد الخدمة.
وتوفر الخدمات الطبية للقوات المسلحة بالجيش السلطاني العُماني الخدمات العلاجية لمنتسبي قوات السلطان المسلحة وعائلاتهم، إلى جانب دورها الكبير في الإسناد الطبي وعمليات الإخلاء، فضلًا عن إسهاماتها التنموية الفاعلة في المجالات الصحية وتقديم خدمات الطبيب الطائر في الحالات الطارئة.
وتعدّ مدرسة الخدمات الطبية للقــــوات المسلحة من الصروح التدريبية التي ترفد قوات السلطان المسلحة بالكوادر الطبية والفنية المؤهلة تأهيلًا علميًا وفنيًا، كما شهد مستشفى القوات المسلحة بالخوض والذي يعدّ أحد أوجه اهتمام قوات السلطان المسلحة بمنتسبيها وأسرهم، نقلة نوعية وتوسعًا في أقسامه ومرافقه المتعددة.
وتقوم الخدمات الهندسية بوزارة الدفاع - وهي أحد أسلحة الإسناد الرئيسية لقوات السلطان المسلحة- بدور حيوي كبير من خلال توفير الدعم الفني والهندسي في التمارين العسكرية، وتوفير وإدامة الخدمات الضرورية مثل المياه والطاقة الكهربائية، وشبكات الصرف الصحي ومرافق البنية الأساسية في المعسكرات والقواعد والمنشآت العسكرية، إضافة إلى وضع التصاميم والإشراف على المشاريع الإنشائية وأعمال الصيانة، وصيانة البنى الأساسية والمرافق المختلفة.
ويضطلع التوجيه المعنوي بإدامة الروح المعنوية وإبراز الدور الوطني الكبير الذي تؤديه قوات السلطان المسلحة ومنتسبوها البواسل وما بلغته من مستويات عالية في جميع المجالات من خلال تنفيذ واجباته الإعلامية العسكرية المختلفة، والتغطية الإعلامية للأنشطة والفعاليات العسكرية والاجتماعية والثقافية والرياضية في مختلف وسائل الإعلام، المقروءة، والمسموعة، والمرئية، والإلكترونية، وينشر سلسلة من الإصدارات والمطبوعات المتنوعة الهادفة إلى رفع المستوى الثقافي والمعرفي للضباط والأفراد، وإعداد الأعمال البرامجية التلفزيونية والإذاعية.
وشهدت قوات السلطان المسلحة مسارات عديدة ومتنوعة في تطوير وتحديث الجوانب الرياضية في جميع أسلحتها وتشكيلاتها وقواعدها، من خلال تهيئة الأرضية الخصبة والأجواء المناسبة، ولتحقيق هذه الغاية قامت قوات السلطان المسلحة بتوفير الوسائل اللازمة من المنشآت والمرافق الرياضية.
تبوّأت الهيئة الوطنية للمساحة مكانة مرموقة كجهاز مركزي يضطلع بمهام إنتاج الخرائط العسكرية والمدنية، وعمليات التصوير الجوي في جميع أرجاء السلطنة، ووضع معايير المسوحات الطوبوغرافية، وإدامة الأرشيف الوطني للمواد الجغرافية، وتوفير خرائط الطيران والمعلومات الجغرافية، وحققت الهيئة إنجازًا دوليًا بحصولها على جائزة المنتدى العالمي للجغرافيا المكانيّة تقديرًا لتطبيقها النموذجي لسياسات وبرامج الجغرافيا المكانية في تنفيذ مشروعها الرائد لإنشاء مرجع الإسناد الجيوديسي الوطني للسلطنة (ONGD14) .
ويعدّ مركز الأمن البحري أحد المراكز المهمة، الذي يُعنى بالحفاظ على أمن البيئة البحرية العُمانية والتصدي لكافة المخاطر الأمنية البحرية التي تقع في البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة للسلطنة، ويقوم المركز باستلام كافة البلاغات عن المخاطر الأمنية البحرية كتلوث البيئة البحرية وعمليات البحث والإنقاذ وإعاقة طرق الملاحة البحرية والتصدي للقرصنة البحرية والتسلل والتهريب ومختلف الأنشطة الأخرى ذات الصلة، حيث يقوم المركز بالتنسيق مع كافة الجهات العسكرية والأمنية والمدنية للتصدي لكافة النشاطات غير المشروعة.
وقد نفذ المركز في 25/10/2020م تمرين الأمن البحري (1/2020) بمشاركة عدد من الجهات العسكرية والأمنية والمدنية ، وبالتعاون مع شركة مصيرة للنفط المحدودة.
فيما يقوم صندوق تقاعد وزارة الدفاع بتنشيط عملية استثمار الأموال الخاصة به تحقيقا للأهداف المرجوة، من تقديم الخدمات للمتقاعدين وأسر المتوفين من منتسبي وزارة الدفاع، حيث يتولى الصندوق تمويل نظام معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة من خلال استراتيجية استثمارية تعنى بانتقاء الاستثمارات المناسبة.
وبمساهمة من صناديق تقاعد الأجهزة العسكرية والأمنية بالسلطنة كشركة مساهمة مغلقة يعد مصنع إنتاج ذخائر الأسلحة الخفيفة بولاية سمائل من المشروعات الحيوية والأحدث من نوعه في المنطقة، حيث تم تجهيزه بأحدث تقنيات تصنيع الذخائر وفق أعلى معايير الجودة الدولية، والذي يهدف إلى توفير احتياجات قوات السلطان المسلحة والأجهزة الأمنية من الذخائر الخفيفة.
ويعدّ متحف قوات السلطان المسلحة إطلالة على تاريخ عُمان العسكري عبر مراحله المختلفة، متمثلًا في قلعة بيت الفلج التاريخية التي تم بناؤها في عهد السيد سعيد بن سلطان في عام 1845م، ويعد متحف قوات السلطان المسلحة المتحف العسكري الوحيد بالسلطنة والذي من خلاله يستطيع الزائر الاطلاع على التاريخ العُماني العسكري منذ فترة عُمان قبل الإسلام إلى عصر النهضة، وذلك من خلال قاعات المتحف المتعددة وبما تحتويه من أسلحة وصور ووثائق تاريخية تنقل الزائر إلى تلك العصور ليشهد قصة الانتصارات والأحداث العسكرية التي تحكيها كل قاعة من قاعات المتحف.
وبمناسبة الذكرى الأولى لتولّي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم القائد الأعلى - حفظه الله ورعاه - مقاليد الحكم في البلاد احتفلت وزارة الدفاع وقوات السلطان المسلحة في 11/1/2021 بمعسكر المرتفعة بالافتتاح الرسمي لإذاعة (الصمود).
وتعكس إذاعةُ الصمود جانبًا من ما وصلت إليه قواتُ السلطان المسلحة من كفاءةٍ وجاهزية، وما يتمتع به منتسبوها من مستوياتٍ عاليةٍ من التدريب والتعليم والتأهيل كثمرةٍ مِن ثمار النهضة العُمانية المباركة، وحرص القيادة الحكيمة على إدامة عملية تطوير قدراتها في كافة المجالات وتزويدها بكل ما يمكنها من أداء واجباتها الوطنية المقدسة النبيلة وامتلاك كافة عناصر القوة المادية والفكرية والمعنوية.