العُمانية - فانا / تمكّن مركز السُّلطان قابوس المتكامل لعلاج وبحوث أمراض السرطان خلال عامين من تشغيله، من تقديم عدد من الخدمات العلاجية المتقدمة والتقنيات المتطورة والسبّاقة في مجال علاج أمراض السرطان بسلطنة عُمان والمنطقة، حيث يتبنّى المركز نموذج عمل متميز يجمع بين أحدث التقنيات، وفريق عمل يضمُّ نخبةً من الخبراء والمتخصّصين، ساعيًا للرقي بجودة الرعاية الصحية وخدمات الفحص والتشخيص والعلاج وبحوث أمراض السرطان.
وقال الأستاذ الدكتور منصور بن سيف المنذري رئيس اللجنة التشغيلية للمركز، لوكالة الأنباء العُمانية: "خلال أقل من عامين من تشغيل المركز، تمكّن الفريق الطبي بالمركز من إدخال أكثر من 15 خدمة علاجية وتشخيصية جديدة ساهمت في تعزيز دقة وكفاءة الحلول العلاجية وتقليل الآثار الجانبية وتقليص الفترات العلاجية للمستفيدين من خدمات المركز".
وأكّد أنّ حصول المركز على الاعتماد الدولي من اللجنة الدولية المشتركة لاعتماد المؤسسات الصحية في زمن قياسي، ما هو إلا تصديق على التزام المركز بتقديم رعاية طبية متكاملة وفق أعلى المعايير العالمية للعُمانيين والمقيمين ولمرضى السرطان بالمنطقة.
وأوضح أنّ المركز منذ تشغيله قدَّم عددًا من الخدمات التشخيصية والعلاجية والتأهيلية والمشروعات البحثية المتقدمة، أسهمت في تعزيز دقة الفحوصات الطبية والنتائج العلاجية للمرضى، منها البدء بتقنية زراعة البذور المشعة في البروستات للمعالجة الكثبية الموضعية منخفضة الجرعة (LDR (brachytherapy والتي تُتاح لأول مرة لمرضى سرطان البروستات في المنطقة.
وبيّن رئيس اللجنة التشغيلية للمركز أنّ زراعة البذور المشعة تُعدُّ خيارًا علاجيًّا متقدمًا ومُفضّلًا؛ لدقته وموثوقيته العالية في القضاء على سرطان البروستات ويتطلب جلسة علاج واحدة فقط لزراعة البذور، ثم يمكن للمريض مغادرة المستشفى وممارسة حياته بصورة طبيعية.
وأفاد بأنّ المركز وفّر خدمة العلاج الإشعاعي للأورام بالمعالجة الكثبية عالية الجرعة high-dose brachytherapy) (HDR))، التي تقوم على إيصال المادة المشعة إلى داخل العضو المصاب عبر أنابيب لبث جرعات عالية من الإشعاع الموضعي على منطقة محددة للقضاء على الخلايا السرطانية، ويُستخدم هذا النوع من العلاج بشكل رئيس لعلاج سرطان عنق الرحم والبروستات، بالإضافة إلى استخدامه لعلاج عددٍ من السرطانات الأخرى.
وذكر أنّ فريق العلاج الإشعاعي نجح في علاج عددٍ من حالات الإصابة بآلام العصب الخامس، وعلاج أورام الدماغ والعظام وأورام النخاع الشوكي وغيرها من الحالات المعقدة باستخدام الجراحة الإشعاعية بالروبوت الآلي (CyberKnife S7)، إذ يتسم الجهاز بالكفاءة والدقة العالية في القضاء على الأورام السرطانية باستخدام الجراحة الإشعاعية التجسيمية SRS ودون الحاجة لإحداث أي شقوق جراحية.
ولفت إلى أنّه من بين الأجهزة جهاز "السايبر نايف CyberKnife S7" - نظام الجراحة الإشعاعية الموجَّه SBRT)) -، وهو نظام الجراحة الروبوتية الوحيد في العالم الذي يُقدّم علاجًا ناجحًا غير جراحي للسرطانات المتحركة في الرئة والكبد، عبر تسليط الحزم الإشعاعية بدقة متناهية بالتزامن مع تنفس المريض وحركة الورم، ما يُقلل فرص تعرّض الأنسجة السليمة المجاورة للورم، وقد عُولجت عدد من حالات الإصابة بسرطان الرئة في المركز باستخدام هذا النظام.
وفي الجانب الجراحي، أشار الأستاذ الدكتور منصور بن سيف المنذري إلى أنّ المركز استقطب كادرًا طبيًّا مُتخصّصًا لتقديم التدخلات الجراحية العلاجية والترميمية لمرضى السرطان، مُزوَّدًا بغرف عمليات مُجهزة بأحدث المعدات والتقنيات، وذلك لتمكين الفريق الجراحي من إجراء أكثر العمليات تعقيدًا لاستئصال الأورام بالمناظير الجراحية والتقليل من التدخلات الجراحية التقليدية، ما ساعد في تحسين النتائج العلاجية وتقليل المضاعفات وسرعة تعافي المرضى بعد العمليات.
وقال إنّ المركز عمل على توفير أجهزة حديثة لإجراء مختلف التدخلات العلاجية المتقدمة، مثل: العلاج عبر توصيل العلاج الكيماوي المسخن في الغشاء البريتواني لحالات سرطانات التجويف البطني المتقدمة، وخدمة علاج سرطان الكبد عبر الانصمام الإشعاعي الذي يستخدم الجسيمات المشعة لتدمير الخلايا السرطانية مع الحفاظ على أنسجة الكبد السليمة، بما يُسهم في تحسين نوعية حياة المرضى.
وأضاف: إنّ قسم الصيدلة بالمركز يشتمل على أحدث الأجهزة والمعدات الخاصة بتحضير أدوية العلاج الكيماوي للسرطان والأدوية الوريدية ومحاليل التغذية، حيث زُوِّدت الصيدلية بأنظمة صرف عالية التطور تخضع لمراقبة النظام الإلكتروني لتقليل الأخطاء الطبية وضمان سلامة المرضى.
كما ذكر الأستاذ الدكتور منصور المنذري، أنّ من بين الأجهزة المستخدمة جهاز الصرف الداخلي ونظام الجرعات المُوحَّدة، وروبوت الصرف الآلي "الماك فور MACH4" و "الكيربي ليستر" اللذين يُساعدان على تحضير الأدوية والجرعات الخطرة بسهولة ودقة تامة، ويقدم الروبوت العديد من المهام التي تُسهم في تعزيز سلامة المريض ومُقدِّم الرعاية، وكفاءة الخدمات الصيدلانية، وتقليص التكاليف التشغيلية، وتعزيز دقة صرف الأدوية والجرعات العلاجية، بوجود طاقم صيدلاني متخصص وذي خبرة وكفاءة عالية لإدارة وتحضير العلاج وفقًا لاحتياجات المرضى.
وأكّد على أنّ البحث العلمي ركيزة أساسية من ركائز مركز السُّلطان قابوس المتكامل لعلاج وبحوث أمراض السرطان، إلى جانب تكامل الخدمات العلاجية والتشخيصية والرعاية النفسية والتأهيلية والعناية التلطيفية وخدمات الفحص والإرشاد الجيني والتغذوي التي تُقدَّم للمرضى، لافتًا إلى أنّ المركز جُهِّزَ بوحدة متخصّصة في الأبحاث السريرية ومختبرات بحثية متكاملة؛ لإجراء الفحوص المختلفة والأبحاث الطبية المتخصصة، ليسهم بذلك في تحسين جودة الخدمات الصحية المُقدَّمة للمرضى وذويهم، وذلك بالعمل الدؤوب والبحث المستمر واستحداث أساليب تشخيص وعلاج فاعلة.
وأفاد بأنّ الجهود البحثية لمختبرات الأبحاث أثمرت في تشغيل عدد من الفحوص المخبرية الجديدة في المركز، التي مكّنت الأطباء من تشخيص أمراض السرطان بدقة وتحديد العلاج الأمثل للمريض وفقًا لنوع الخلل الجيني لديه في فترة زمنية أقل، تمثَّل ذلك في: توفير الفحص الجيني الشامل للأورام الصلبة، وفحص الخلل في الجين (DPYD) الذي أحدث فرقًا كبيرًا في التقليل من الآثار الجانبية الخطيرة للعلاجات الكيماوية المختلفة.
وبشأن المستجدات الأخيرة بالمركز، قال إنّ مختبرات الأبحاث به نجحت في إدراج فحص جديد يُعرف بـ (MLPA)، وهو مُخصّص للكشف عن الخلل الجيني في جينات: / BRCA1 / و/ BRCA2/ وإتاحتها للأطباء في المركز؛ الأمر الذي ساعد في تشخيص الجين المصاب بالخلل وتحديد العلاج الأنسب للحالة، والإسهام في تقديم الإرشاد الوراثي لذوي المريض بشكل أفضل.
وبيّن المنذري أنّ مختبرات الأبحاث تعمل جنبًا إلى جنب مع قسم الجينوم بالمركز؛ لتشغيل وإدراج فحص جديد آخر يُساعد على معرفة الجينات الوراثية المُسبِّبة لمرض السرطان، والتي قد تورث من شخص لآخر في العائلة الواحدة، وتزيد احتمال إصابتهم بالأمراض السرطانية مستقبلًا، حيث ستُساعد نتائج الفحص في توعية المجتمع وتقديم الإرشاد الوراثي المناسب.
وقال إنّ المركز يُوفِّر بنية أساسية وبيئة فاعلة لدعم المرضى والمتطوعين، ومحفزّة للباحثين لإجراء البحوث وتطبيقها على أرض الواقع ليستفيد منها المرضى عن طريق توظيف نتائج هذه الأبحاث في تطبيقات وقائية وتشخيصية وعلاجية، إلى جانب تعزيز الشراكات مع المؤسسات البحثية داخل سلطنة عُمان وخارجها.
وأضاف الأستاذ الدكتور منصور المنذري رئيس اللجنة التشغيلية لمركز السُّلطان قابوس المتكامل لعلاج وبحوث أمراض السرطان أنّ المركز بدأ بتحقيق إضافته في مجال البحث العلمي عبر نشر أكثر من 40 بحثًا علميًّا، والاشتغال على أكثر من 80 بحثًا و6 تجارب سريرية في مجال السرطان خلال أقل من عامين، في عدة مواضيع؛ منها ما يختصُّ بالعناية بالمرضى في وحدة العناية المُركَّزة، واختبار فاعلية عدد من الأدوية المستخدمة في علاج السرطان ودراسة العوامل الجينية المؤثرة عليها، ودراسة عن التغلب على مقاومة العلاج الكيماوي لدى مريضات الأورام النسائية، ومسببات سرطان الجلد في سلطنة عُمان، إضافة إلى دراسة أخرى في الأورام النادرة، وفي استجابة الخلايا الكبدية للعلاج المناعي.
يُشار إلى أنّ مركز السُّلطان قابوس المتكامل لعلاج وبحوث أمراض السرطان صُمِّم بأسلوب حديث يُراعي راحة المرضى وتكامل الخدمات الصحية تحت سقف واحد، لتزويدهم بأفضل خدمات الرعاية الصحية والعلاجات المرتبطة بالأورام.
ويتميّز المركز بتقديم الرعاية الصحية باتباعه نهجَ الفريق المتكامل، والذي يقوم على تعاون المهنيين من مختلف التخصصات لدراسة الحالة من الجوانب كافة كلٌّ حسب اختصاصه، من أجل توفير رعاية مثالية للمرضى وتحسين كفاءة العلاج المُقدَّم وتوفير جهد المرضى من عناء التردد على عدة عيادات.
ويضمُّ الفريق المتكامل متعددُ التخصُّصات الذي يقوم على رعاية المريض كلًّا من: طبيب الأورام، وطبيب جراحة الأورام، واختصاصي تمريض إكلينيكي، واختصاصي رعاية تلطيفية، وطبيب الأشعة، وطبيب الجينات، وطبيب علم الأمراض، واختصاصي التغذية، وطبيب نفسي، واختصاصي اجتماعي، واختصاصي علاج تأهيلي، والصيدلاني، وذلك ضمن ستة برامج علاجية هي: برنامج سرطان الثدي، برنامج سرطانات الجهاز الهضمي، برنامج سرطانات الرأس والعنق والتجويف الصدري، برنامج سرطانات المسالك البولية، برنامج السرطانات النادرة، وبرنامج الأورام النسائية.
ومَنح المركز منذ تأسيسه الأولوية لتجربة المرضى، وحَرص على استعمال أكثر التقنيات الطبية تقدمًا بما يشمل الذكاء الاصطناعي؛ سعيًا للارتقاء بالممارسات المألوفة في رعاية مرضى الأورام على مستوى المنطقة، وتفعيل مواءمة الأنظمة الإلكترونية الطبية والمختبرية والصيدلية والإشعاعية، إضافة إلى دمجها مع النظام الإداري للمركز، بالإضافة إلى استقطاب أفضل الخبرات المحلية والدولية في علاج أمراض السرطان، والاستمرار في تدريب وتطوير العاملين بالمركز في مختلف التخصُّصات الدقيقة المرتبطة بعلاج الأورام.
وقد تمكّن مركز السُّلطان قابوس المتكامل لعلاج وبحوث أمراض السرطان مؤخرًا من الحصول على الاعتماد الدولي من اللجنة الدولية المشتركة لاعتماد المؤسسات الصحية (JCI)، والتي تُعدُّ من أرقى الهيئات المعروفة عالميًّا في مجال تقييم جودة الرعاية الصحية وسلامة المرضى في المنشآت الصحية على كافة مستوياتها الطبية والإدارية والفنية، ويأتي اعتماد المركز في فترة قياسية من تشغيله تأكيدًا على التزام المركز بتوفير رعاية صحية عالية الجودة للمرضى والمراجعين تتوافق مع أعلى المعايير العالمية.
جديرٌ بالذكر أنّ مركز السُّلطان قابوس المتكامل لعلاج وبحوث أمراض السرطان شُيِّد على مساحة تبلغ 54 ألف متر مربع، وبدأ تشغيله في منتصف يوليو 2021م، ويضمُّ ما يربو على ٣٠٠ غرفة وسرير وثلاثة أجنحة للترقيد، وأقسامًا تشخيصية وعلاجية وبحثية، منها قسم الأشعة والطب النووي، وقسم العلاج الإشعاعي، وقسم العمليات وقسم المناظير المتقدمة، وقسم الجينات، ومختبرات طبيَّة وبحثية متكاملة، إضافة إلى الخدمات الأساسية لرعاية مرضى الأورام من كادر تمريضي متخصص وصيدلية مُجهَّزة بأحدث التقنيات لتحضير الأدوية الكيميائية، وغيرها من العلاجات الحديثة للأورام السرطانية، ووحدات متخصّصة لتقديم العناية التلطيفية والرعاية النفسية والتأهيلية والمشورة التغذوية للمرضى.