• الخميس : 20 - مارس - 2025
  • الساعة الآن : 04:01 مساءً

 

 النفط في عُمان

بدأت محاولات اكتشاف النفط في عُمان من قبل جورج ليز وهو جيولوجي إيرلندي كان يعمل لحساب شركة دارسي للتنفيب التي حصلت عام 1925م على ترخيص يسمح لها بالتنقيب عن النفط في عُمان مدة عامين قابلة للتجديد من قبل السلطان تيمور بن فيصل (حكم : 1331 -1350 هـ / 1913 -1932 م). زار ليز عُمان على رأس بعثة علمية تولت مهمة مسح شمال عُمان والساحل الجنوبي الشرقي من الجزيرة العربية حتى ظفار لدراسة الظواهر الجيولوجية في هذه المناطق ومعرفة احتمال وجود النفط فيها، إلا أن صعوبة الطبيعة الجيولوجية في عُمان، والأوضاع السياسية غير المستقرة في شبة الجزيرة العربية آنذاك عاقت عمليات المسح الجيولوجي المنظم. وفي عام 1928م انسحبت الشركة من عُمان؛ نتيجة هذه الصعوبات، ولعدم تمكنها من إيجاد النفظ. وفي عام 1937م وقعت شركة نفط العراق امتيازا مع السلطان سعيد بن تيمور (حكم : 1350 – 1390 هـ / 1932 – 1970م ) مدته 75 عامًا للتنقيب عن النفط في شمال عُمان وجنوبها، ثم تنازلت الشركة عن هذا الامتياز لشركة تنمية نفط (عُمان وظفار) المحدودة التابعة لها، والتي أرسلت جيولوجيين أمريكيين لمسح المنطقة، إلا أن عمليات المسح لم تكشف عن وجود النفط.

وفي عام 1944م وقعت شركة تنمية النفط (عُمان وظفار) اتفاقية أخرى مع السلطان سعيد بن تيمور للتأكيد على ما تم الاتفاق عليه، واقتصر عمل الشركة مبدئيا على محافظة ظفار؛ بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة في شمال عُمان آنذاك، إلا أن نتائج المسح في محافظة ظفار خلصت إلى خلوها من التكوينات الجيولوجية الملائمة للتجمعات النفطية، لذلك أنهت الشركة اتفاقية امتياز ظفار المبرم مع السلطان سعيد بن تيمور عام 1950م، وغير اسمها إلى شركة تنمية نفط عُمان المحدودة. وللإنجازات التي حققتها الشركات الأمريكية في اكتشاف النفط في الخليج العربي وقع السلطان سعيد بن تيمور مع الأمريكي ويندل فيلبس حق امتياز التنقيب عن النفط في ظفار، وكان فيلبس يعمل لدى شركة ظفار لخدمات المدن، فقامت هذه الشركة بحفر عدة آبار استكشافية في ظفار بتمويل أمريكي، وتعد هذه الآبار من أوائل الآبار الاستكشافية في عُمان؛ منها بئر دوكة التي احتوت على الماء دون النفط، وبئر مرمول 1 التي حوت مكمنا نفطيا كبيرا، ولكن تقنيات استخراج النفط حينها لم تكن متطورة تطورًا يكفي لاستخراجه ، وبعد عدة محاولات انسحبت الشركة من الاتفاقية . وفي عام 1969م أسند السلطان سعيد بن تيمور امتياز محافظة ظفار إلى شركة تنمية نفط عُمان المحدودة.

وفي عام 1948م بدأت شركة تنمية نفط عُمان التنقيب فعليا في شمال عُمان ، وأنشأت مركزا لها في الدقم عام 1954 ، وبدأت بجبل فهود ، وكانت بئر فهود 1 التي حفرت عام 1956م أول بئر تنقيب للشركة ، إلا أن التنقيب لم يصل إلى مكامن النفط فتركت البئر ، وفي أواخر الخمسينات من القرن العشرين الميلادي قامت الشركة بحفر ثلاث آبار في غابة وهيما وعفار ، إلا أنها تركت العمل فيها بسبب مشاكل فنية. ونتيجة عدم استقرار الأوضاع الأمنية لم يسمح لجيولوجيي الشركة بدراسة المناطق الجبيلة في شمال عُمان.

مع بداية ستينات القرن العشرين الميلادي استقرت الأوضاع الأمنية في عُمان ، كما استقرت أسعار النفط في العالم بإنشاء منظمة أوبك عام 1960م ، واعتمدت شركة تنمية نفط عُمان على طرق أكثر فاعلية في التنقيب عن النفط ، مثل طريقة المسح الزلزالي التي تعتمد على إرسال أمواج صوتية إلى باطن الأرض ، ثم استلامها بعد ارتدادها من طبقات الصخور المختلفة بواسطة سماعات أرضية؛ لمعرفة نمط تركيب باطن الأرض، وأدى ذلك إلى اكتشاف حقل جبال عام 1962م ، وأعقبه اكتشاف حقلي نطيح وفهود. وقامت الشركة عام 1966م بمد خط أنابيب النفط الرئيس بطول 279كم من حقل فهود حتى ميناء الفحل في سيح المالح بمسقط . استهلك هذا الخط 60 ألف طن من أنابيب الفولاذ، وبنيت ساحة للصهاريج في ميناء الفحل ، وعوامة إرسال منفردة ؛ لتحميل ناقلات النفط ومحطة توليد الكهرباء بطاقة 20 ميجاوات.

في عام 1967م صدرت الشحنة الأولى من خام النفط العُماني على متن الناقلة اليابانية موس برينس ، وشُحنت بـ 543,800 برميل بسعر 1,42 دولارا للبرميل ، وفي العام نفسه اتفقت حكومة عُمان مع شركة تنمية نفط عُمان على تقسيم عوائد النفط مناصفة بينهما. توالت اكتشافات حقول النفط مع بدايات السبعينات من القرن العشرين الميلادي ؛ فاكتشف حقل غابة الشمال وحقل سيح نهيدة وحقل سيح رول وحقل قرن علم وحقل حابور، وارتفع معدل إنتاج النفط عام 1975؛ نتيجة ربط هذه الحقول الخمسة بخط الأنابيب . كما تم نقل النفط في خط أنابيب بقطر 20 بوصة إلى الخط الرئيس على بعد 75 كم شرق فهود . ومع استقرار الأوضاع الأمنية في ظفار عام 1975م قامت شركة تنمية نفط عُمان بالتنقيب في جنوب عُمان ، واكتشفت عدة حقول مثل : حقلي نمر وأمين ، كما بدأت الشركة في تطوير حقول سابقة مثل حقلي أمل ومرمول . وبعد منتصف السبعينات من القرن العشرين الميلادي انتقل مركز النشاط الاستكشافي إلى جنوب عُمان ، وكانت أغلب حقول النفط المكتشفة في جنوب عُمان تتركز في الجانب الشرقي منه .

في عام 1980م أصبحت شركة تنمية نفط عُمان محدودة المسؤولية بموجب مرسوم سلطاني ، وقد قامت الحكومة قبل ذلك في منتصف السبعينات بإعادة رسم مناطق الامتياز ؛ فتقلصت مساحة امتياز شركة تنمية نفط عُمان من 250 كم² إلى حوالي 160كم².

مع بداية ثمانينات القرن العشرين الميلادي ارتفع معدل إنتاج النفط في عُمان إلى 400 ألف برميل يومياً ، وفي نهاية عام 1984م بلغ الاحتياط 8,3 بليون برميل ، وساعد استعمال المسح الزلزالي الثلاثي الأبعاد بصورة موسعة في مناطق مختلفة على إجراء عمليات التنقيب بنجاح أكبر ، وفي عام 1986 استعملت طريقة الآبار الأفقية للمرة الأولى ، وفاق إنتاجها إنتاج أي بئر أخرى بمرتين إلى أربع مرات.

وفي بداية تسعينات القرن العشرين الميلادي استعملت أحدث التقنيات لزيادة استخلاص النفط من الحقول القائمة . وبعد عام 2002م استعملت تقنيات جديدة لاستخلاص النفط ، مثل : التطبيقات الحرارية والمواد الكيميائية والمذيبات الغازية ، وفي أواخر عام 2004م تم تمديد اتفاقية حقوق امتياز شركة تنمية نفط عُمان فيما يتعلق بالإنتاج والاستكشاف والتشغيل مدة 40 سنة حتى عام 2044م . كما اكتشفت ثلاثة حقول نفطية أخرى ؛ هي : حقل بدور في جنوب عُمان ، وحقلان آخران هما امتدادان لحقلي أفق ودافق اللذين أعلن عنهما في عام 2006م ، وتم ربط هذه الحقول بالبنية الأساسية لخطوط الأنابيب.

التطور المؤسسي في قطاع النفط

النفط أحد القطاعات الاقتصادية المهمة في سلطنة عُمان ، ويدار قطاع النفط بإشراف وزارة النفط والغاز والمعادن ، وتقوم الوزارة بالإشراف ومتابعة الأنشطة المتعلقة بالقطاع في مجالات الاتفاقيات النفطية والاستكشاف والتنمية والإنتاج ، وكذلك مجالات تكرير وتسويق النفط الخام وتوزيع المنتجات النفطية ، بالإضافة إلى تسويق مناطق الامتياز النفطي ، كما تقوم الوزارة بتنفيذ الأهداف والسياسات المرسومة للقطاع في استراتيجيات خطط التنمية الخمسية في عُمان بالتعاون مع جهات حكومية ، وشركات القطاع الخاص العاملة بالقطاع وذات الصلة ، وتُفعل الحكومة دور قطاع النفط في الاقتصاد الوطني العُماني من خلال إيجاد التشابك مع بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى ، بحيث تكون هناك علاقة بين هذا القطاع وبقية القطاعات الاقتصادية يتم خلالها استعمال السلع والخدمات الناتجة عن القطاعات الاقتصادية الأخرى في قطاع النفط ، ويستعمل القطاع منتجات ومشتقات القطاعات الأخرى كمدخلات، ويعمل بالقطاع شركات عديدة على رأسها شركة تنمية نفط عُمان PDO. كما أن هناك شركات أخرى تعمل بقطاع النفط في مجال الخدمات النفطية والتسويق والأنشطة المصاحبة الأخرى.

 الغاز في عُمان 

اكتشف الغاز في عُمان عام 1962م ؛ إذ وجدت كميات كثيرة منه في تكوين نطيح بعد حفر بئر جبال . وفي عام 1978م افتتحت أول محطة كبرى لمعالحة الغاز الطبيعي في حقل جبال . وفي عام 1981م افتتح خط أنابيب الغاز من مريرات إلى صحار ، ويمتد هذا الخط بطول 226كم ، وبدأ تدفق الغاز في عام 1982م عبر خط أنابيب يبلغ قطره ويمتد من سيح نهيدة إلى حبارى بطول 292كم . وفي عام 1983م ربطت محطة معالجة الغاز الواقعة في حقل سيح نهيدة بخط الإنتاج . وفي عام 1984م وقعت الحكومة اتفاقية مع شركة تنمية نفط عُمان لإجراء استكشافات جديدة عن الغاز الطبيعي لمدة عشر سنوات.

اكتشفت كميات كثيرة من الغاز الطبيعي في حقل سيح نهيدة عام 1989م ، وخلال عامي: 1990 و1991م اكتشف الغاز الطبيعي غير المصاحب للنفط في حقلي : بارك وسيح رول ، وفي عام 1994م اكتشف الغاز في حقل مكارم بشمال عُمان ، وفي العام نفسه انتهى العمل في مشروع غاز البيوتين في حقل جبال ، وفي عام 1995م تم الانتهاء من تركيب مرافق نقل الغاز بعنزوز ، وفي عام 1996م بدأ بناء محطة معالجة الغاز المركزية في سيح رول وتمديد خط أنابيب الغاز إلى محطة الغاز الطبيعي المسال في قلهات ، إضافة إلى التوقيع على اتفاقية تطوير حقول الغاز بوسط عُمان مع شركة تنمية نفط عُمان . وفي عام 1997م مد خط أنابيب الغاز بطول 350كم من الحقول المنتجة بوسط عُمان حتى مصنع الغز الطبيعي المسال بقلهات . وفي عام 1999م افتتحت ثاني محطة كبرى لمعالجة الغاز في سيح رول ، وفي العام نفسه بدأ تشغيل محطة الغاز التابعة لحقل بارك، وتفعيل وصله خط أنابيب الغاز بوسط عُمان . وفي عام 2000م صدرت الشحنة الأولى من الغاز الطبيعي المسال ، وعُهد لشركة الغاز العُمانية بإدارة نظام نقل الغاز الطبيعي في شمال عُمان عوضًا عن شركة تنمية نفط عُمان.

وفي عام 2001م اكتشف حقلا كوثر ورباب . وفي عام 2005م افتتحت ثالث محطة كبرى لمعالجة الغاز الطبيعي في حقل سيح نهيدة ، وفي العام نفسه صودق على اتفاقية بناء محطة للغاز بحقل كوثر ، وبُني خط أنبوب إضافي من أجل زيادة ضخ الغاز إلى ولاية صور . وفي عام 2007م بدأ بإنتاج الغاز الطبيعي من حقلي فخر وكوثر من خلال محطة الغاز في كوثر . وفي عام 2008م بدأ إنتاج الغاز من مجموعة الحقول العنقودية بحبان . وفي بداية 2009م بدأ إنتاج الغاز من حقول بخا.

التطور المؤسسي في قطاع الغاز

يشمل قطاع الغاز الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالتنقيب واستكشاف الغاز الطبيعي كافة ، وإجراء الاتفاقيات المتعلقة بذلك ، وأنشطة تسييل الغاز ، ونقله داخليا وتصديره وتسويقة . ويعد الغاز الطبيعي أحد موارد الطاقة النظيفة في عُمان ويعمل على تلبيه الطلب المحلي من الكهرباء والمياه . وأصبح قطاع الغاز يؤدي دوراً متزايداً في الاقتصاد العُماني ، وقد برز الاهتمام به في استراتيجيات التنمية والخطط التنموية الخمسية لعُمان ، بهدف التقليل من الاعتماد على النفط مصدراً رئيساً للدخل ، وكذلك الاستغلال الأمثل من الموارد الطبيعية المتاحة ، وهو ما تهدف إليه استراتيجية الرؤية المستقبلية للاقتصاد العُماني (عُمان2020).

تعمل الحكومة العُمانية على تنفيذ برامج الاستكشاف الحكومي عن الغاز الطبيعي من أجل زيادة الاحتياط الموجود منه وإقامة المشاريع المعتمدة عليه . كما تعمل على توسيع مرافق إنتاج الغاز ونقله ومعالجته مثل : إنشاء خطوط أنابيب الغاز وإقامة محطات المعالجة ومحطات تخفيض الضغط وزيادة قدرتها وكفاءتها الإنتاجية من أجل زيادة إنتاج الغاز الطبيعي . وتقوم وزارة النفط والغاز والمعادن بتنفيذ ومتابعة أهداف وسياسات قطاع الغاز ، وتنفيذ البرنامج الاستثماري الحكومي من خلال الاعتمادات الحكومية المخصصة للمشاريع في الخطط التنموية الخمسية . وتسعى الرؤية المستقبلية "عُمان 2020" لقطاع الغاز الطبيعي وفقاً للخطط السابقة إلى أن لا يقل إسهام القطاع في جملة الناتج المحلي عن نسبة 10 % بحلول عام 2020م .  

يسهم قطاع الغاز في توفير فرص العمل وتطوير مهارات العاملين فيه ، من خلال الشركات العاملة بالقطاع من بينها : الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال ، وشركة الغاز العُمانية ، وشركة قلهات للغاز الطبيعي المسال.